إجتماعية

ناهد.. تمردت على الأعراف فخلعت زوجها المكرمي وتزوجت شاباً من خارج الطائفة..

المستقلة خاص ليمنات

هل يمكن أن يصبح الحب طاقة جبارة تجتاح حياة الشخص فتغير معايير علاقاته وتحطم أسوار معتقداته ليكون القلب والقلب وحده هو الدليل الأساسي في تحديد اتجاه الحياة واتخاذ القرارت المصيرية.. قصة ناهد الفتاة الحرازية المتمدنة تجيب على هذا السؤال المثير وتضع النقاط على الحروف لتضيف مادة أخرى إلى قانون الحب الذي لا يكاد يخلو كل يوم من إضافة جديدة..

ناهد فتاة حرازية متعلمة، ولدت وعاشت في العاصمة صنعاء، وتنتمي إلى طائفة “المكارمة” المعروفة، لكنها في ذات الوقت من أسرة فقيرة ذات دخل محدود، كما أنها تفتقر للجمال الفتان الذي تعتبره الأنثى رأس مالها في الحياة، ومع ذلك لطالما سمعت عبارات كثيرة من الذكور حول مفاتنها وجسدها خصوصاً وأنها ذات قوام ممتلئ،  وفي عينيها سحر وجاذبية.

دخلت ناهد في سن الثلاثين نادي العانسات، وهو أمر نادر لدى بنات الطائفة المكرمية فلم يتقدم لها أحد من شباب طائفتها ورغم تقدم زميلين لها في الجامعة لخطبتها إلا أن والدها رفض لعجزه عن مواجهة لوم مرجعيات الطائفة وأعرافها..

اضطر والدها لتوظيفها إلى جانبه في الشركة التي يعمل فيها ويرأسها شخص مكرمي فمزجت بين الدراسة والعمل، وتخرجت بامتياز تحمل تخصص محاسبة، تقاعد والدها لظروف صحية، اصطدمت ناهد بأحد مدراء الشركة الذي حاول التحرش بها لكنها تصدت له بحزم والتزام كبير، غادرت العمل إلى شركة أخرى لمستثمر مكرمي أيضاً فأحدثت تحولاً في مجال تخصصها في الشركة وأرست نظاماً محاسبياً قضى على حالات الفساد وضياع الأموال، تعرفت على فتى يبلغ 17 سنة يعمل مراسلاً فأغدقت عليه العطف بعد معرفة قصة وفاة والديه بحادث مروري وأنه يعيل شقيقته الوحيدة، فاعتبرها الفتى “وسام” مثلاً أعلى.. ساعدته ناهد في الالتحاق بدورة كمبيوتر على حساب الشركة فتفوق فيها..

مراد النجل الأكبر لصاحب الشركة كان ممتناًَ لناهد لما حققته من نجاح، فبدأت تهتم بنفسها وترتدي الملابس المغرية والتي تستعرض عبرها قوامها ومفاتنها في محاولة لتجديد شبابها، ومع فشل محاولات مراد في التحرش بها تقدم لخطبتها رسمياً وأنه يريد استقطابها بجانبه في مواجهة شقيقه الذي ينافسه على إدارة الشركة بعد وفاة والدهما..

تحرش بها ابن مراد ويدعى عماد وهو أحد المدراء في الشركة بناهد أثناء مرور وسام فصرخت ليتدخل وسام والذي صار شاباً مفتول العضلات لينتصر لها من عماد الذي صار ذليلاً أمامه، أعجبها موقف وسام وتمنت لو تقبل رأسه أو ترتمي في احضانه وتبوح له بمشاعر الإعجاب المختبئة بصدرها منذ زمن لكنها استشارته حول زواجها من مراد الذي يكبرها كثيراً، فرد أن ذلك أمر خاص بها وسألته كم يقدر عمرها فقال “24” فأثلجت العبارة صدرها..

كثيراً ما كانت ناهد تعوض حرمانها بأن تطلب من زميلاتها احضار أطفالهن فتبالغ في رعايتهم وتقديم الحلويات لهم.. وزميلاتها يستشعرن هذا الشعور الذي يعوضها عن عاطفة الأمومة، بعدها تزوجت ناهد من مراد، ولكن لم تستمر سعادتها طويلاً حيث ظلت فتاة أخرى مكانها في الشركة، وبدأ زوجها يعيرها بسنها وفقر أسرتها، ثم أهملها وهجرها، وعاد ليهتم بزوجتيه السابقتين، لكنها كانت تعول على ما تحمله في احشائها لتعزيز موقعها، لكن مع لحظات الولادة وجدت نفسها مخذولة، فالطفلة التي أنجبتها مشوهة وذات ستة أصابع وتطلب الأمر إجراء عملية تجميلية لها، غير أن تباطؤ والد الطفلة وعدم اهتمامه أدى إلى وفاة الطفلة قبل إجراء العملية في الخارج بيومين..

مثلت الحادثة طعنة موجعة لناهد وجرحاً غائراً في صدرها، حاولت العودة لعملها لتجد أنه لم يعد شاغراً، ولم يعد بإمكانها سوى تسلم مصاريف ربة منزل مهجورة، سألت عن وسام فوجدت أنه انتقل للعمل في مكان آخر منذ أشهر، اتصلت به لتطمئن عليه وتخبره بحالها، فأخبرها إلى حاجة الشركة التي يعمل فيها لمدير حسابات، فحزمت حقائبها وغادرت إلى منزل والدها.. ثم التقت بوسام، أجهشت بالبكاء بين يديه، وسالت دموعه حزناً عليها، فأثارت دموعه المشاعر المختبئة في اعماقها، فباحت له بمكنون فؤادها وحبها، في حديث مليء بالدفء العاطفي الذي لم تجده في مكان أخر..

في اليوم التالي تسلمت عملها الجديد، ثم اتفقت مع وسام على الزواج لإخراس ألسنة موظفي الشركة، جن جنون مراد حين علم بالخبر فطالبها قضائياً بالعودة إلى بيت الطاعة، لكنها استفادت من تجربة انجاب طفلتها الفقيدة، فأخرجت تقريراً طبياً يشير إلى وجود احتمال كبير بأن أطفالها من مراد سيولدون مشوهين وعرضت ارجاع أموال مراد مقابل “الخلع” لكنه عاند وتوسط لدى كبار شخصيات الطائفة للضغط على والدها، غير أن والدتها التي لا تنتمي لنفس الطائفة ساعدتها على الانفصال عن مراد.. ومن ثم قررت ناهد الابتعاد عن منزلها  برفقة وسام الشاب التعزي وذلك لإثارة الشائعات عن علاقة عاطفية بينهما، وحول نسيج هذه الشائعة تم الضغط على مراد فاستسلم وطلّق ناهد دون خلع، حينها تمكنت من كسر كل حواجز العادات الاجتماعية والطائفة وتزوجت وسام الذي يصغرها بـ 13 عاماً الفتى الذي اغرقت عليه الحنان والعطف والرعاية طويلاً كحلم جميل، فقطفت ثمار الحلم بعد حياة مليئة بالألم والجراح.

زر الذهاب إلى الأعلى